هل الفيدرلية هي الحل؟

قبل أن نتفدرل
يخلط البعض بين مشروع الفيديرالية الذي يروج له الآن في بلداننا الاسلامية, وبين الفيديرالية التي توجد عند بعض الدول القوية. لكن اول الفروق بين المثالين وهو جوهري يجعل منهما طرفي نقيض. اذ ان تلك الدول القوية كانت كيانات مقسمة فوجدت لنفسها لحاما لتوحيد قيادتها سمته فيديرالية اما دولنا التي يتم اغراء شعوبها بمشروع الفيديرالية فهي موحدة سياسيا داخل حدودها واي توجه نحو الفيديرالية هو جنوح مخادع نحو التفرقة وبداية للتقسيم..فشتان بين الأمرين.
فمثلا أمريكا دولة فيدرالية ناجحة ومتماسكة لكنها كانت يوما ما دول مختلفة ولم يكن من الممكن جعلها دولة مركزية أو اندماجية فكان الحل فيدراليا أفضل من بقائها كالسابق دول فسيفسائية متجاورة .
    ويشبه ذلك دولة الإمارات فهي كانت في السابق إمارات مختلفة ثم أن زايد رحمه الله سعى إلى توحيدها غير أنه واجهته معضلة قاصمة وهي عدم تنازل أي أمير عن إمارته والدليل نكوص البحرين وقطر عن الدخول في هذا الاتحاد رغم وجود أملاك قطرية ضمن الإمارات العربية المتحدة ولكن الرغبة بالتفرد بالسلطة حالت دون دخول الاتحاد فكان الحل هو الاتحاد الفيدرالي الذي أبقى كل أمير حاكم لإمارته كحل وسط ...ليس هو الأفضل بطبيعة الحال ولكن شيء خير من لاشيء وهو مع ذلك خطوة كبيرة في الاتجاه الصحيح رغم أنها ليست الهدف الأسمى الذي هو الوحدة الاندماجية , لكن أن تسعى دولة واحدة إلى التحول إلى الفيدرالية فهذا نكوص مخالف لطبيعة الأمور و مهدد بالانفصال الكامل بالإضافة إلى كونه مهدد أيضاً بحدوث الانشقاقات في الإقليم الفيدرالي نفسه لأنه كما توجد قواسم مشتركة فكذلك توجد عوامل تنافر يستغلها المصلحيون لتفتيت الكيان السياسي ،.
فبينما تسعى مثلا تركيا إلى التخلي عن بعض خصوصياتها وطابعها الوطني الضيق في سبيل الالتحاق بالاتحاد الأوربي الذي تختلف عنه دينا وقومية وأسلوب حياة نسعى نحن إلى التقسيم الغير مبرر الذي ضرره أقرب من نفعه ...حيث أن البعض يعتقد أن النفط الليبي متمركز في الشرق وقد يكون الواقع خلاف ذلك خاصة أن (50) عاما من الاستنزاف قد تكون  قد أثرت في الاحتياطي في شرق ليبيا بينما الاكتشافات الحديثة و الهائلة من النفط في الجنوب مازالت بكرا...  وهناك (التبو) الذي يرى بعضهم أن الكفرة بداية من جالو إلى الحدود التشادية هي ليست تابعة لبرقة تاريخيا إنما هي تابعة لهم وأغلب نفط برقة إنما هو في هذه المنطقة .......ثم أن أطماع سكان غرب مصر في برقة ستتضاعف عند ضعف الرابط مع بقية الوطن  وبذا يغرق سكان الشرق في موجات بشرية هائلة فلا يكون لهم من الكعكة إلا الفتات بالإضافة إلى ما قد يتعرضون له من مضايقات مؤلمة في الجانب الاجتماعي وقد رحبت القبائل المصرية بالفعل بفيدرالية برقة وعقد اجتماع موسع لهذه القبائل أوضحوا فيه حقوقهم التاريخية في الإقليم .
أخشى إن زحفت هذه الجموع الهائلة إلى برقة أن ينتقل سكانها الأصليون إلى الغرب الليبي وعندئذ ليس بإمكاننا إلا القول :: أهلا وسهلاً ومرحبا فنحن بالفعل أهل ذوو طباع ونسيج اجتماعي واحد

شكراً الصقر بوركت