هل نحن نقدر المعلم حق قدره

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى عليه وسلم .
عندنا الكثير من الأشعار والحكم والتعابير التي تجل المعلم ولكن عندنا القليل من التقدير له .
خذ هذا الشطر : كاد المعلم أن يكوم رسولا .
خذ هذه الحكمة : من علمني حرفاً أكن له عبداً .
ولكن انظر إلى نفسك تجد أنك تكره الكثير من المعلمين اللذين جلست أمامهم على مقاعد الدراسة . قد تكون الأسباب وجيهة ولكن العلم صبر، ألا ترى أنك تصبر في سبيل تحصيل المال ؟ فتداري وتداهن وتتواضع وتتجاوز عن الكثير مما لا يعجبك .
ألا تلاحظ طيبة التاجر ولطفه وصبره على الزبائن ذوو الفضاضة ، حتى أنه يقال في الأمثال الشعبية الليبية " التاجر مبصرة الشاري " أي مسخرة الشاري . أو بتعبير آخر أن الزبون دائماً على حق ، لماذا ؟ لأنه يطلب ما بجيبك فيصبر على الوقاحة ويتجاهلها رجاء الهدف المنشود .
بينما أنت تطلب ما في عقل المعلم وتمارس عليه الوقاحة .
كان الأهل في الماضي يسلمون ابنهم لمعلم القرآن ويقولون له بالتعبير الليبي " لك اللحم ولنا العظم " .
تخيلت اليوم هذا التعبير وتصورت أن الهيكل العظمي من حق الأهل ولا بد أن يرجع إليهم ، فماذا حل باللحم يا ترى ؟! ولن أفوت قولهم : أن عصى الفقيه خارجة من الجنة . ومازال هذا الأمر مطبق في شمال غرب ليبيا حتى أن هذه البلاد حصلت بفضل الله تعالى ثم بفضلهم على الجوائز الأولى على المستوى الدولي في حفظ القرآن الكريم .
البعض يتصور أن المعلم أيضاً تغير ، غير أن الواقع أن المجتمع تغير ولن يستطيع المعلم مقاومة التيار فهو جزء من المجتمع ، وتحضرني الآن هذا الموقف الذي جرى أمامي عند باب مسجد مغلق عند وقت الأذان فشرع الناس ينتقدون القييمين ، لكن أحدهم رد قائلاً أن هؤلاء أناس أمثالكم ألا تتغيبون أنتم عن أعمالكم فلم يجب أحد ! .
اعتبروا المعلم شخص يقدم خدمة لابد منها فاغنوه عن أن يتشتت ذهنه ، لا تزعجوه في أوقات الامتحانات فتتدمر نفسيته ويكره الساعة التي اختار فيها هذه المهنة .
تعليم النشئ إرهاق ... كل موظف ينسى عمله إلى أن يعود إليه في اليوم المقبل إلا المعلم فإنه سيشرع في منزله في التحضير ليوم الغد بالإضافة لتصحيح الكراسات . وهذا العمل يجعلك في مواجهة دائمة مع الناس فبالإضافة إلى مواجهة التلاميذ فإنك ستواجه أولياء أمورهم ذوي الأمزجة المتباينة ، هذا ولن ننسى ملاحظات الإدارة ولن ينتهي الأمر بالمفتش الذي يختبر قدراتك عدة مرات في العام على مدى حياتك .
إن إنساناً يخرج من كل ذلك بأعصاب متماسكة لهو جدير بالتقدير.