الوساوس بين الدين والطب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم . .
لا
يستغرب المرء أن يخصص القرآن الكريم سورة كاملة للإستعاذة من شر الوساوس
وهي إحدى سورتين تسميان بالمعوذتين لأن الوسواس أو الوسوسة تحد من فعالية
المسلم وتنكد عليه عبادته وحياته ،وقد تكون لها ردة فعل عكسية تؤدي إلى
التقصير فيها .رغم أن بداية هذه الوسوسة هو زعم القيام بها وأدائها على
وجهها .والوسوسة ليست حالة فردية يخشى المرء أنها مصاحبة له هو فقط .بل هي
أمر شائع حيث تذكر بعض الدراسات أن واحدا من كل "50" إنسان مصاب بالوسوسة
فبعض هذه الوساوس من الشيطان إذ قال الحق تعالى الوساوس بين الدين والطب Frown

فوسوس
لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما ) ويقول تعالى (فوسوس
إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) وبعض
الوساوس إنما هي أحاديث النفس ،إذ يقول الباري جل وعلا (ولقد خلقنا
الإنسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) ، وبعض
الوساوس هو مرض عضوي ناتج عن إضطرابات في وصلات المخ العصبية بالإضافة إلى
عوامل الإختلافات النفسية الفردية والضغوط الإجتماعية ، وهذه الإضطرابات
من الممكن بعون الله تعالى علاجها بأخذ عقاقير يصفها الأطباء .أما وسوسة
الشيطان فإنما هي كما يقول ابن قدامه "عذاب يصيب به الشيطان الناس في
الدنيا قبل الآخرة بهذا التنطع والغلو وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا يحرص
الإنسان على التضييق على نفسه حتى تثقل عليه العبادة فربما تركها ".أه
.وهنا نتذكر الأثر المعروف وهو .أنه لن يشاد الدين أحد إلا غلبه .وعلينا
أن نعلم أن الشيطان لايجتهد في الوسوسة الصلاة إلا العظيم أمرها . روى أبو
داود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال _" إن العبد ليصلي الصلاة
ما يكتب له فيها إلا عشرها، تسعها، ثمنها، سبعها ،سدسها ،خمسها،ربعها،
ثلثها، نصفها "وليتمكن المسلم من مقاومة الوساوس فلا بد أن يتوكل على الله
تعالى وأن يبادر إلى إيجاد الحافز الذي يدفع به الوسوسة ، والكثير من
النصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة ترشده إذا ما اتبع هديها ، أما
إذا ترك نفسه للشيطان فإنه ولاشك سيتلاعب به فقد ورد في مسند أحمد قال صلى
الله عليه وسلم " إياي وإن يتلعب الشيطان بصلاتكم فإذا صلى أحدكم فلم يدر
أشفع أم وتر فليسجد سجدتين فهما إتمام لصلاته " وقد يوهمك الشيطان بأنك
إذا صليت أمام الناس فأنت مرائي ، فربما تركت صلاة الجماعة، ولا يوجد حل
أفضل من أن تزيد في تحسينها وتطويلها لأنه كما يقول أهل العلم أن ترك
العمل خوف الرياء رياء .فالقاعدة التي نراها صحيحة تقول . لا تترك العمل
خشية الرياء بل اترك الرياء خوفا على العمل وهذه العبارة هي من إنتاجي
إذاجاز هذا التعبير فإن كانت خطأ فمن نفسي ومن الشيطان. ثم انشغل بمعقبات
الصلاة بعدها تم بأي عمل آخر مباح حتى تتلها عن الوسوسة . وقد يشك المصلي
في نيته فيقول نويت .. لم أنو .. و النية هي قصد الدخول في العبادة وليست
لفظ يلفظ .وقد ينسى المصلي أو يشك في نسيان ركعة مثلا فحينئذ يبني على
الأقل إلا إذا كان مستنكحا فيبني على الأكثر ، فعن عثمان بن أبي العاص
،قال يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي يلبسها علي .فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ
بالله منه واتفل على يسارك ثلاثا .قال عثمان ،ففعلت ذلك فأذهبه الله عني
.وينبغي على المؤمن أن يستحضر عظمة الله تعالى عند الصلاة حتى يغلق مداخل
وسوسة الشيطان إلى نفسه،. وفي غير الصلاة يوسوس الشيطان كثيرا عند الوضوء
أو بعده ، وتقرر عند أئمة المذاهب الأربعة والجمهور أن الشك ليس ناقضا إذا
تيقن الطهارة ،وعكس ذلك إذا يتيقن الحدث وشك في الطهارة . عن أبي هريرة أن
، رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"إذا كانأحدكم في الصلاةفوجد حركة في
دبره فأشكل عليهفلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا. " صحيح أخرجه مسلم
.وقد يكثر المتوضيء من غسل يديه يظن أنه لم يغسل ثلا ثا، فهذا يتوقف عن
ذلك لأن الغسل مرة واحدة يكفي في الوضوء كما جاء في الحديث الذي رواه
الجماعة إلا مسلم . أما الزيادة على ثلاثة فظلم كما جاء في الحديث الذي
رواه أحمد عن عمر بن شعيب ."كما على المسلم أن يتجنب الأمور التي تعرضه
للوسوسة فقد روي في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يبولن
أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه فإن عامة الوساوس منه " و من الوسوسة في
العقيدة أن يتفكر المسلم في ذات الله وليس في آياته مما يجر إليه الزيغ إن
لم يتدارك المرء نفسه .عن أبي هريرة قال جاءه ناس من الصحابة فقالوا يا
رسول الله نجد في أنفسنا الشيء نعظم أن نتكلم بهأو الكلام به. قال أو
قدوجدتموه ؟ قالوا. نعم قال ذاك صريح الإيمان " حديث صحيح أخرجه مسلم.
ولعل الحديث الأتي يوضح ذلك فقد جاء في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم
"يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا فيقول خلقه الله فيقول إذا من خلق
الله ؟ قال فمن وجد ذلك فليستعذ بالله ولينته " .ومن العلاج ذكر الله
تعالى لأن الشيطان إنما سمي بالخناس لأنه يخنس أي يبتعد عند ذكر الله
تعالى .وكذلك من العلاج : الصدقة كمافي الحديث الصحيح أن النبي الله صلى
الله عليه وسلم قال ،ما يخرج رجل صدقتة حتى يفك بها لحيي سبعين شيطاناً "
ذكره الألباني .، قيل أن معنى لحيي شيطان أي وسوسته ، وقد وجدت دراسات
نفسية في الغرب تؤكد أن مساعدة الغير والأعمال التطوعية تشعر المريض
بالتحسن .
فعلى المسلم أن يتدبر في كل ما قلنا حتى لاتجره الوسوسة إلى ترك العبادة بالكلية وذلك مأرب الشيطان عياذاً بالله

الوساوس بين الدين والطب Suspect