الوجل عند أداء العبادة

الليلة البارحة ألقى علينا أحد الأخوة درس في مسجدنا واستفدت منه معنى لطيفاً لقولنا بعد الحيعلتين ( لاحول ولا قوة إلا بالله ) أحببت أن أدونه وأفيد به شاء الاستفادة مع شيء من الاستطراد مني لتوضيح الفكرة

قال : أنك حينما تسمع (حي على الصلاة حي على الفلاح ) فتتوجه إلى صلاتك ملبياً النداء ولا تتخلف فإنك تعزو إجابتك تلك إلى فضل الله وتوفيقه وليس إلى همتك وجدك واجتهادك فتبرأ من حولك وقوتك إلى حول الله وقوته ولا تمتن على الله تعالى بهذا الإقبال على العبادة فالكثير ممن لم يوفقهم الله تعالى يسمعون النداء إلى الصلاة فيخلدون إلى الأرض فيفوتهم هذا الفضل العظيم بل قد يمسهم العذاب الأليم يوم لاينفع مال ولا بنون بل قد ينالهم الغم الكبير في هذه الدنيا لإعراضهم عن الذكر قال تعالى ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى))طه آية 124
وهذا الشعور بالتواضع لله عند العبادات أمر يحبه الله تعالى انظر إلى المؤمن وهو يؤدي زكاة ماله وقلبه يخفق وجلا ألا يقبل الله منه لسبب من الأسباب كأن يخشى أن في ماله المزكى شبهة حرام أو لأي سبب آخرعَنْ أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: "وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ": قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمْ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: "لَا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمْ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُمْ، أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ". رواه الترمذي (3175) ، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي، 287/3). قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": {وَاَلَّذِينَ يُؤْتُونَ} أَيْ يُعْطُونَ {مَا آتَوْا} أَيْ مَا أَعْطَوْا مِنْ الصَّدَقَةِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ {وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} أَيْ خَائِفَةٌ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنْهُمْ وَبَعْدَهُ {أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} أَيْ لِأَنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ إِلَى اللَّهِ صَائِرُونَ {أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ, وَفِي الْقُرْآنِ { أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ } أَيْ يُبَادِرُونَ إِلَى الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ ( { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } ) أَيْ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَقِيلَ أَيْ لِأَجْلِ الْخَيْرَاتِ سَابِقُونَ إِلَى الْجَنَّاتِ أَوْ لِأَجْلِهَا سَبَقُوا النَّاسَ. وَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: سَبَقَتْ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ السَّعَادَةُ.
و انظر إلى سورة النصر : المسلم يجاهد ويتحمل المشاق وحينما ينتصر على عدوه يعتبر ذلك نصر الله ثم يؤمر بالاستغفار والاستغفار في عرف الناس يأتي بعد المعصية ولا يتصورونه بعد العبادة رغم أنهم حينما ينتهون من الصلاة مباشرة يكون أول أذكار الصلاة الذي يقولونه ( استغفر الله ) ..وربما هذا هو السبب الذي دعى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دخول مكة وهو مطأطئ رأسه تواضعاً وخضوعا لله ، حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح ، حتى إن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل.
من اجتهادي