الحيط القصير

في كثير من البلاد يًلقى الفشل على العمالة الوافدة
فالبطالة تُعزى إليهم
والنصب ينسب إليهم
وضعف الإتقان تلقى تبعاته عليهم
والتقصير يعتبر من طباعهم
والخداع يتمثل فيهم
وكأن مشاكل البلاد والعباد هو تخصصهم
... وهذه الطباع قد توجد في بعضهم بدون ريب مثلهم كمثل أهل البلد
لكن لهم ميزات تجعل التخلص منهم خسارة للبلد أكيدة
من أبرزها أنهم حينما يتقلدون أي وظيفة فإنهم لايتكلون على عشيرة ولا قبيلة فليس لهم فرصة إلا إتقان العمل للتميز ..بينما يقصر ابن البلد في عمله ولا يستطيع أن يزحزحه مزحزح لأن الجميع سيهبون لنجدته مما يكرس الفشل ويعمق الإهمال
لذلك ترى أن الجهات العامة والخاصة تتجنب تشغيل ابن البلد بسبب هذه الميزات المخلة
ومن ميزات العمالة الوافدة أنها لا تأنف من الأعمال البسيطة و التي ينظر إليها ابن البلد على أنها تحط من مكانته الاجتماعية كما أنها عمالة رخيصة
وكلما خطر ببالي هذا الشأن تذكرت أنني قرأت مقالا لكاتب لبناني في ثمانيينات القرن الماضي وهو يحذر من التحامل على العمالة الوافدة قائلاً أن بعض الأصوات اللبنانية في أوائل السبعينات كانت تدعو إلى الاستغناء عن هذه العمالة وإيجاد حلول بديلة ثم وفي ظرف سنين قليلة اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية فأصبح اللبنانيون هم العمالة الوافدة التي لا أظن أنه قد خلت منهم بلاد
فلنتق الله فيمن فارقوا الأوطان التي ألفوها والبلاد التي عرفوها وكفى بالغربة بلاء فنزيد نحن من محنتهم بإيذائهم
وإذا حمد الإنسان ربه بلسانه أنه لم يعرضه لمهانة الغربة فينبغي أن يحمد الله تعالى بلسان حاله بإكرام هؤلاء الناس وإقالة عثراتهم وجبر خواطرهم
كثيرا ما أتحدث مع الأغراب وأنا أتصور نفسي في مكانهم في بلادهم
تأمل معي هذا الحديث
في "صحيح مسلم" وغيره عن أبي مسعود البدري - رضِي الله عنه - قال: "كنتُ أضرِب غلامًا لي بالسَّوط، فسمعتُ صوتًا من خلفي: ((اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود))، فلم أفهم الصوت من الغضب، فلمَّا دنا مِنِّي إذا هو رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يقول: ((اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود))، فسقط السَّوْطُ من يدي من هَيْبَتِه، فقال: ((اعلم أبا مسعود أنَّ اللهَ أقدَرُ عليك منك على هذا الغلام))، فقلت: يا رسول الله، هو حُرٌّ لوجه الله، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ((أمَا لو لم تفعل للفحتْك النارُ، أو لمسَّتْك النار))، فقلت: والذي بعثك بالحقِّ، لا أضرب عبدًا بعده أبدًا، فما ضربت مملوكًا لي بعد ذلك اليوم"؛
فلنتق الله
من اجتهادي