{وفوق كل ذي علم عليم}

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول
الله صلى الله عليه وسلم

{وله الجوار
المنشآت في البحر كالأعلام }. كثيراً ما تمر هذه الآية على ذهني خاصة حينما أرى منشأة ضخمة من أعمال الإنسان .
وباعتباري ريفياًً فلن تتاح لي فرصة رؤية
هذه الإنشاءات الا عبر وسائل الإعلام المرئية في غالب الأحيان . ولست
أتذكر الآية بسبب ذكر كلمة المنشأة فيها ،بل لأن الله تعالى امتن على البشر بما
عملته أيديهم ، ربما لأنه تعالى هو الذي وفر لهم كل الإمكانيات التي تمكنهم من
إنجاز هذه الأعمال : من خامات، وقوانين علميه ،وعقول أو أدمغة مستبصرة ،إلى غير
ذلك ... فالمؤمن ينظر إلى هذه الأعمال على أنها آية من آيات الله تعالى ، وضعيف
الإيمان ينظر اليها على أنها انتصار من انتصارات العلم، وهذا الأمر كان شائعاً عند
الرومان أو الإغريق حيث كانوا ينظرون إلى أي تقدم يحرزونه في مجال العلم، على أنه
انتصار على الآلهة،فبعض الأبطال ينظرون إليهم على أنهم أنصاف آلهة كما هو التعبير
الشائع عندنا الآن ،وهم في صراع دائم مع هؤلاء الآلهة، وكثيراً ما فازوا عليهم في
زعمهم، وقد تكون تسربت هذه الأفكار إلينا أما من العلوم المختلفة التي ندرسها في
المدارس ،أو عبر الثقافة الأجنبية المتاحة في وسائل إعلامنا المختلفة ،نتيجة الانبهار
بالغرب بسبب شعورنا بالنقص المتأتي من تخلفنا المريع في شتى مجالات العلم والتقانة
.. ولأن الحديث ذو شجون كما يقول مثلنا العربي، فإنني أسمح لنفسي بهذا الاستطراد
غير البعيد عن الموضوع ، وهو عبـارة عن نصيحة ـ عزيزة ـ تتمثل في أنه ينبغي على ذوي المناصب وحملة الشهادات
العليا ، وغيرهم ممن يكون لهم الاحترام والهيبة لدى العامة، أن يضيفوا إلى ثقافتهم
وعلومهم الدنيوية، شيء على الأقل من الفقه والثقافة الإسلامية . فهذا الأمر عدا
كونه أمر مطلوب لنيل ثواب الآخرة، فإن له جانب آخر غاية في الأهمية وهو اقتداء
الكثير من العامة بهم، لأنهم يعتقدون أن هذه العقول المتفوقة لابد أنها لم تصل إلى
هذه المكانة الا بعد تدبر في شتى نواحي الحياة والتي من أهمها الدين فاعتبروا
ياأولي الأبصار . . .