بحـث
مواضيع مماثلة
المواضيع الأخيرة
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
بن يوسف رياحي | ||||
الرياحى | ||||
الصقر | ||||
انورالرياحي11 | ||||
فيتوري ارياحي | ||||
عابرسبيل | ||||
الزبير الرياحى | ||||
المغرب العربي | ||||
صلاح الرياحى | ||||
سفينه الصحراء |
كسب المال مع AlertPay
الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
للمسجد مكانة عظمى، وأهمية بالغة في دين الله - عز وجل -، فهو مكان لا غنى للمسلمين عنه، إذ هو محل أداء شعائرهم التعبدية من الصلاة, والاعتكاف، وقراءة القرآن، وذكر الله - تعالى -، وهو منطلق الهداية والتوجيه، وميدان العلم والتعليم، ومنبت التربية والتثقيف، وينبوع العلم والمعرفة والتثقيف، وهو النور المشع في قلوب المؤمنين، وهو ميدان تخريج العلماء والأبطال، والقادة العظماء والمفكرين، وهو ساحة التقاء المسلم بأخيه المسلم على منهج الله - تعالى -، وعلى عبادة الله - تعالى - يقول الله - تعالى -: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}1، وقال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}2، ولأهميتها نسبها الله - تعالى - إليه فقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً}3.
ومما يدل على مكانتها ورفعة شأنها أن عُمَّارها هم صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين قال - تعالى -: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}4.
وقد ندب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمارتها فجاء في الصحيحين عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من بنى مسجدا - قال بكير حسبت أنه قال - يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة))5، وعند أحمد مرفوعاً: ((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة6)). فهذا الفضل المترتب على بناء المساجد لكن الذي يريد أن يبني مسجداً عليه أن يبنيه في ملكه, حتى يستحق هذا الجزاء, بخلاف من اغتصب أرضاً ليقيم عليها مسجداً وما شابه ذلك فإن الصلاة في مثل هذا المسجد لا تجوز لأنها على أرض مغصوبة، ولو جاز أن تبنى المساجد على أراض مغصوبة؛ لوجدنا الكثيرين ممن يريد أن يكون لهم الثراء الفاحش، والغنى الكثير من مثل هذه المشروعات, وحكم هذا أن الأراضي المغتصبة حرام، والله طيب لا يقبل إلا طيباً, وعلى هذا فإن علينا أن نتحرى الأرض, ثم إذا أردنا بناء وإقامة المشاريع الخيرية كإقامة المساجد فيجب أن نبني على تقوى من الله - تعالى - ورضوان، وطهارة ونقاء، ونظافة من القلب وصفاء من الضمير قال - تعالى-: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)}7.
ولأن شريعة الإسلام تَحترِم حقوق الأفراد ومنها حق الملكية؛ فإن فيها أن من ثَبتَتْ ملكيتُه لشيء بطريقة مشروعة؛ لا يَجوز أن يُغتصب مِلْكُه ظلماً، لأي سببٍ ولو كان لإقامة مسجد به إلا أنْ تَطيبٍ نفسه به ببيعٍ أو هِبَةٍ، وإلا كان هذا من كبائر الإثم عند الله - تعالى -، قال ابن قدامه - رحمه الله -: "فَصْلٌ: وَفِي الصَّلاةِ في الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ روايتان: إحْدَاهمَا: لا تَصِحُّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِي لأَنَّ النَّهْيَ لا يَعُودُ إلَى الصَّلاةِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهَا، كَمَا لَوْ صَلَّى وَهُوَ يَرَى غَرِيقاً يُمْكِنُهُ إنْقَاذُهُ؛ فَلَمْ يُنْقِذْهُ، أَوْ حَرِيقاً يَقْدِرُ عَلَى إطْفَائِهِ فَلَمْ يُطْفِئْهُ، أَوْ مَطَلَ غَرِيمَهُ الَّذِي يُمْكِنُ إيفَاؤُهُ وَصَلَّى، وَلَنَا أَن الصَّلاةَ عِبَادَةٌ أَتَى بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِي عَنْهُ فَلَمْ تَصِحَّ، كَصَلاةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا، وَذَلِكَ لأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْفِعْلِ وَاجتنابه، وَالتَأثيمَ بِفِعْلِه، فَكَيْفَ يَكُونُ مُطِيعاً بِمَا هُوَ عَاص به، ممتَثِلاً بِمَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، مُتَقَرِّباً بِمَا يَبْعُدُ بِهِ، فَإِنَّ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، هُوَ عَاصٍ بِهَا، مَنْهِيٌّ عَنْهَا"8.
ولا يجوز أن يصلي في أرض مغصوبة لأن اللبث فيها يحرم في غير الصلاة، فكان يحرم في الصلاة من باب أولى، فإن صلى فيها صحت صلاته لأن المنع لا يختص بالصلاة، فلا يمنع صحته9.
وقال النووي - رحمه الله - في شرحه لهذا الكلام: "الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع، وصحيحة عندنا وعند الجمهور من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال أحمد بن حنبل والجبائي وغيره من المعتزلة: باطلة، واستدل عليهم الأصوليون بإجماع من قبلهم، قال الغزالي في المستصفى: هذه المسألة قطعية ليست اجتهادية، والمصيب فيها واحد، لأن من صحح الصلاة أخذه من الإجماع وهو قطعي، ومن أبطلها أخذه من التضاد الذي بين القربة والمعصية، ويدعي كون ذلك محالاً بالعقل، فالمسألة قطعية، ومن صححها يقول هو عاص من وجه متقرب"10.
وجاء في فتاوى الأزهر: "وقف الغاصب ما غصبه غير صحيح، وينقض ما بناه على الأرض المغصوبة ولو كان البناء مسجداً"11.
وجاء أيضاً: "على الأرض المغصوبة مؤقتاً للصلاة فيه بصفة مؤقتة، فإن هذا المبنى أيضاً لا يعتبر مسجداً لإقامته في أرض مغصوبة، ولعدم وقفه شرعاً، ولصاحب الأرض أن ينقض المصلَى، وكذلك لولى الأمر الذي يرعى هذه الأملاك أن ينقضها"12.
الترجيح:
والذي يظهر - والله أعلم - أنه لا يجوز بناء المساجد على الأرض المغصوبة وذلك لأنها ملك للغير، فلا يجوز التصرف فيها إلا بإذن صاحبها، وإذا كانت الصلاة في الأرض المغصوبة لا تجوز فكذلك البناء حرام بإلاجماع لأنه لا يجوز نزع ملكية الغير؛ فإن بنى فإن هذا المبنى لا يعتبر مسجداً لإقامته في أرض الغير، ولعدم وقفه شرعاً، ولصاحب الأرض أن ينقض المصلَى، والله أعلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.[u]
1 سورة التوبة (18).
2 سورة النور(36-37).
3 سورة الجن (18).
4 سورة البقرة (127-128).
5 رواه البخاري في صحيحه برقم(439)؛ ومسلم برقم(533).
6 رواه أحمد (5/82) برقم (2050)؛ وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف.
7 سورة التوبة (108-109).
8 المغني (3/228).
9المجموع (3/ 163).
10 المجموع (3/ 164).
11 فتاوى الأزهر (7/49).
12 فتاوى الأزهر (7/186).
السؤال: ما حكم الصلاة في الأرض المغصوبة؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا خلافَ بين أهلِ العلمِ إن كانت جهة الأمر وجهة النهي منفكَّتَيْنِ، فالفعل الواقع صحيح أمَّا إذا كانتَا غير منفكّتين فالفعل باطلٌ لاستحالة اجتماع الضِدَّين في محلٍّ واحد، لكن العلماء يختلفون في الأرض المغصوبة هل جهة الأمر فيها منفكّة عن جهة النهي أم غير منفكّة، فمن رأى بانفكاك الجهة كما هو مذهب مالك والشافعي قال بصحّة الصلاة مع الكراهة، ومن رأى عدم انفكاكها قال ببطلان الصلاة وهو الصحيح من مذاهب العلماء؛ لأنَّ المكان الذي يشغله بالصلاة إنما يشغل حيِّزًا من الفراغ بالركوع والسجود والقيام هو عاص بفعله لها في ذلك الحيِّز، فكيف يتقرّب إلى الله بالمعصية، و«اللهُ طيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا»(١- أخرجه مسلم في الزكاة (1015)، والترمذي (2989)، والدارمي (2717)، وأحمد (8330)، وعبد الرزاق في المصنف (8839)، والبيهقي في شعب الإيمان (1159)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، والصلاة في الأرض المغصوبة كشأن الصلاة في المقبرة، والمرأة في زمن الحيض فإنّ ركوعها وسجودَها وقيامَها يشغل حيِّزًا من الزمن يُنهى عن إيقاع الصلاةِ فيه، وهو زمن الحيض، ولَمَّا كانت صلاتها لا تصحُّ بالإجماع فلا يختلف الأمر بالنسبة للمكان من حيث العصيان وعدم صحّة الصلاة، فجهة الزمان والمكان واحدةٌ فلا يختلفان من حيث الحكم، هذا كلّه إذا عَلِمَ المصلي أنَّ المكان الذي يصلي فيه مغصوب، فإن صلَّى ـ وهو لا يعلم ـ صَحَّتْ صلاتُه لفقدان العلم بالنهي المتعلِّق بذلك المكان، فتصحُّ صلاته لما ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أخبره جبريلُ عليه السلام أنّ في خُفَّيْهِ أَذًى فَأَلْقَاهُمَا عن شماله وَمَضَى في صلاته(٢- أبو داود في الصلاة (650)، والدارمي (1351)، وابن حبان (2185)، وابن خزيمة (786)، وأبو يعلى في مسنده (1194)، وعبد الرزاق في المصنف (1516)، والبيهقي (4350)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وصحّحه النووي في «المجموع» (3/132)، والألباني في «إرواء الغليل» (284))، وَبَنَى بَقِيَّةَ صلاتِه على الأُولى، فلو كان الجزء الأَوَّلُ من صلاته باطلاً لَلَزِمَ البطلان كلَّ صلاته، لأنَّّ ما بُنِيَ على فَاسِدٍ ففاسدٌ، لكن لَمَّا صَحَّت الصلاة على هذه الحال، كان الحكم على من لم يعلم بتعلّق النجاسة به الصحّة أيضًا، وليس عليه إعادة ولا قضاء.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 7 ربيع الأول 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 5 أفريل 2006م
رابط استماع الفتوى
http://www.ferkous.com/rep/Bd76.php
__________________
قال صالح بن فوزان الفوزان
الأرض المغصوبة هي التي يُستولى عليها بغير حق. لقوله صلى الله عليه وسلم: "من اقتطع شبراً من الأرض بغير حق طوقه يوم القيامة إلى سبع أرضين" (رواه الإمام أحمد في مسنده)، فهذه هي الأرض المغصوبة التي يستولي عليها الظالم بغير حق ويمنع منها صاحبها.
والصلاة فيها لا تصح لأن الصلاة فيها انتفاع بها وإشغال لها للعبادة وهي مغصوبة فلا تصح الصلاة فيها وهي من جملة البقاع التي ذكر الفقهاء أنه لا تصح الصلاة فيه
المصدر هنا
للمسجد مكانة عظمى، وأهمية بالغة في دين الله - عز وجل -، فهو مكان لا غنى للمسلمين عنه، إذ هو محل أداء شعائرهم التعبدية من الصلاة, والاعتكاف، وقراءة القرآن، وذكر الله - تعالى -، وهو منطلق الهداية والتوجيه، وميدان العلم والتعليم، ومنبت التربية والتثقيف، وينبوع العلم والمعرفة والتثقيف، وهو النور المشع في قلوب المؤمنين، وهو ميدان تخريج العلماء والأبطال، والقادة العظماء والمفكرين، وهو ساحة التقاء المسلم بأخيه المسلم على منهج الله - تعالى -، وعلى عبادة الله - تعالى - يقول الله - تعالى -: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ}1، وقال سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}2، ولأهميتها نسبها الله - تعالى - إليه فقال: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً}3.
ومما يدل على مكانتها ورفعة شأنها أن عُمَّارها هم صفوة الخلق من الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين قال - تعالى -: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}4.
وقد ندب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لعمارتها فجاء في الصحيحين عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من بنى مسجدا - قال بكير حسبت أنه قال - يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة))5، وعند أحمد مرفوعاً: ((من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة6)). فهذا الفضل المترتب على بناء المساجد لكن الذي يريد أن يبني مسجداً عليه أن يبنيه في ملكه, حتى يستحق هذا الجزاء, بخلاف من اغتصب أرضاً ليقيم عليها مسجداً وما شابه ذلك فإن الصلاة في مثل هذا المسجد لا تجوز لأنها على أرض مغصوبة، ولو جاز أن تبنى المساجد على أراض مغصوبة؛ لوجدنا الكثيرين ممن يريد أن يكون لهم الثراء الفاحش، والغنى الكثير من مثل هذه المشروعات, وحكم هذا أن الأراضي المغتصبة حرام، والله طيب لا يقبل إلا طيباً, وعلى هذا فإن علينا أن نتحرى الأرض, ثم إذا أردنا بناء وإقامة المشاريع الخيرية كإقامة المساجد فيجب أن نبني على تقوى من الله - تعالى - ورضوان، وطهارة ونقاء، ونظافة من القلب وصفاء من الضمير قال - تعالى-: {لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ (108) أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)}7.
ولأن شريعة الإسلام تَحترِم حقوق الأفراد ومنها حق الملكية؛ فإن فيها أن من ثَبتَتْ ملكيتُه لشيء بطريقة مشروعة؛ لا يَجوز أن يُغتصب مِلْكُه ظلماً، لأي سببٍ ولو كان لإقامة مسجد به إلا أنْ تَطيبٍ نفسه به ببيعٍ أو هِبَةٍ، وإلا كان هذا من كبائر الإثم عند الله - تعالى -، قال ابن قدامه - رحمه الله -: "فَصْلٌ: وَفِي الصَّلاةِ في الْمَوْضِعِ الْمَغْصُوبِ روايتان: إحْدَاهمَا: لا تَصِحُّ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَالثَّانِيَةُ: تَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي لِلشَّافِعِي لأَنَّ النَّهْيَ لا يَعُودُ إلَى الصَّلاةِ، فَلَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهَا، كَمَا لَوْ صَلَّى وَهُوَ يَرَى غَرِيقاً يُمْكِنُهُ إنْقَاذُهُ؛ فَلَمْ يُنْقِذْهُ، أَوْ حَرِيقاً يَقْدِرُ عَلَى إطْفَائِهِ فَلَمْ يُطْفِئْهُ، أَوْ مَطَلَ غَرِيمَهُ الَّذِي يُمْكِنُ إيفَاؤُهُ وَصَلَّى، وَلَنَا أَن الصَّلاةَ عِبَادَةٌ أَتَى بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَنْهِي عَنْهُ فَلَمْ تَصِحَّ، كَصَلاةِ الْحَائِضِ وَصَوْمِهَا، وَذَلِكَ لأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الْفِعْلِ وَاجتنابه، وَالتَأثيمَ بِفِعْلِه، فَكَيْفَ يَكُونُ مُطِيعاً بِمَا هُوَ عَاص به، ممتَثِلاً بِمَا هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، مُتَقَرِّباً بِمَا يَبْعُدُ بِهِ، فَإِنَّ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ مِنْ الْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَفْعَالٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، هُوَ عَاصٍ بِهَا، مَنْهِيٌّ عَنْهَا"8.
ولا يجوز أن يصلي في أرض مغصوبة لأن اللبث فيها يحرم في غير الصلاة، فكان يحرم في الصلاة من باب أولى، فإن صلى فيها صحت صلاته لأن المنع لا يختص بالصلاة، فلا يمنع صحته9.
وقال النووي - رحمه الله - في شرحه لهذا الكلام: "الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع، وصحيحة عندنا وعند الجمهور من الفقهاء وأصحاب الأصول، وقال أحمد بن حنبل والجبائي وغيره من المعتزلة: باطلة، واستدل عليهم الأصوليون بإجماع من قبلهم، قال الغزالي في المستصفى: هذه المسألة قطعية ليست اجتهادية، والمصيب فيها واحد، لأن من صحح الصلاة أخذه من الإجماع وهو قطعي، ومن أبطلها أخذه من التضاد الذي بين القربة والمعصية، ويدعي كون ذلك محالاً بالعقل، فالمسألة قطعية، ومن صححها يقول هو عاص من وجه متقرب"10.
وجاء في فتاوى الأزهر: "وقف الغاصب ما غصبه غير صحيح، وينقض ما بناه على الأرض المغصوبة ولو كان البناء مسجداً"11.
وجاء أيضاً: "على الأرض المغصوبة مؤقتاً للصلاة فيه بصفة مؤقتة، فإن هذا المبنى أيضاً لا يعتبر مسجداً لإقامته في أرض مغصوبة، ولعدم وقفه شرعاً، ولصاحب الأرض أن ينقض المصلَى، وكذلك لولى الأمر الذي يرعى هذه الأملاك أن ينقضها"12.
الترجيح:
والذي يظهر - والله أعلم - أنه لا يجوز بناء المساجد على الأرض المغصوبة وذلك لأنها ملك للغير، فلا يجوز التصرف فيها إلا بإذن صاحبها، وإذا كانت الصلاة في الأرض المغصوبة لا تجوز فكذلك البناء حرام بإلاجماع لأنه لا يجوز نزع ملكية الغير؛ فإن بنى فإن هذا المبنى لا يعتبر مسجداً لإقامته في أرض الغير، ولعدم وقفه شرعاً، ولصاحب الأرض أن ينقض المصلَى، والله أعلم.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.[u]
1 سورة التوبة (18).
2 سورة النور(36-37).
3 سورة الجن (18).
4 سورة البقرة (127-128).
5 رواه البخاري في صحيحه برقم(439)؛ ومسلم برقم(533).
6 رواه أحمد (5/82) برقم (2050)؛ وقال شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف.
7 سورة التوبة (108-109).
8 المغني (3/228).
9المجموع (3/ 163).
10 المجموع (3/ 164).
11 فتاوى الأزهر (7/49).
12 فتاوى الأزهر (7/186).
السؤال: ما حكم الصلاة في الأرض المغصوبة؟
الجواب: الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فلا خلافَ بين أهلِ العلمِ إن كانت جهة الأمر وجهة النهي منفكَّتَيْنِ، فالفعل الواقع صحيح أمَّا إذا كانتَا غير منفكّتين فالفعل باطلٌ لاستحالة اجتماع الضِدَّين في محلٍّ واحد، لكن العلماء يختلفون في الأرض المغصوبة هل جهة الأمر فيها منفكّة عن جهة النهي أم غير منفكّة، فمن رأى بانفكاك الجهة كما هو مذهب مالك والشافعي قال بصحّة الصلاة مع الكراهة، ومن رأى عدم انفكاكها قال ببطلان الصلاة وهو الصحيح من مذاهب العلماء؛ لأنَّ المكان الذي يشغله بالصلاة إنما يشغل حيِّزًا من الفراغ بالركوع والسجود والقيام هو عاص بفعله لها في ذلك الحيِّز، فكيف يتقرّب إلى الله بالمعصية، و«اللهُ طيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا»(١- أخرجه مسلم في الزكاة (1015)، والترمذي (2989)، والدارمي (2717)، وأحمد (8330)، وعبد الرزاق في المصنف (8839)، والبيهقي في شعب الإيمان (1159)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.)، والصلاة في الأرض المغصوبة كشأن الصلاة في المقبرة، والمرأة في زمن الحيض فإنّ ركوعها وسجودَها وقيامَها يشغل حيِّزًا من الزمن يُنهى عن إيقاع الصلاةِ فيه، وهو زمن الحيض، ولَمَّا كانت صلاتها لا تصحُّ بالإجماع فلا يختلف الأمر بالنسبة للمكان من حيث العصيان وعدم صحّة الصلاة، فجهة الزمان والمكان واحدةٌ فلا يختلفان من حيث الحكم، هذا كلّه إذا عَلِمَ المصلي أنَّ المكان الذي يصلي فيه مغصوب، فإن صلَّى ـ وهو لا يعلم ـ صَحَّتْ صلاتُه لفقدان العلم بالنهي المتعلِّق بذلك المكان، فتصحُّ صلاته لما ثبت أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أخبره جبريلُ عليه السلام أنّ في خُفَّيْهِ أَذًى فَأَلْقَاهُمَا عن شماله وَمَضَى في صلاته(٢- أبو داود في الصلاة (650)، والدارمي (1351)، وابن حبان (2185)، وابن خزيمة (786)، وأبو يعلى في مسنده (1194)، وعبد الرزاق في المصنف (1516)، والبيهقي (4350)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وصحّحه النووي في «المجموع» (3/132)، والألباني في «إرواء الغليل» (284))، وَبَنَى بَقِيَّةَ صلاتِه على الأُولى، فلو كان الجزء الأَوَّلُ من صلاته باطلاً لَلَزِمَ البطلان كلَّ صلاته، لأنَّّ ما بُنِيَ على فَاسِدٍ ففاسدٌ، لكن لَمَّا صَحَّت الصلاة على هذه الحال، كان الحكم على من لم يعلم بتعلّق النجاسة به الصحّة أيضًا، وليس عليه إعادة ولا قضاء.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.
الجزائر في: 7 ربيع الأول 1427ﻫ
الموافق ﻟ: 5 أفريل 2006م
رابط استماع الفتوى
http://www.ferkous.com/rep/Bd76.php
__________________
قال صالح بن فوزان الفوزان
الأرض المغصوبة هي التي يُستولى عليها بغير حق. لقوله صلى الله عليه وسلم: "من اقتطع شبراً من الأرض بغير حق طوقه يوم القيامة إلى سبع أرضين" (رواه الإمام أحمد في مسنده)، فهذه هي الأرض المغصوبة التي يستولي عليها الظالم بغير حق ويمنع منها صاحبها.
والصلاة فيها لا تصح لأن الصلاة فيها انتفاع بها وإشغال لها للعبادة وهي مغصوبة فلا تصح الصلاة فيها وهي من جملة البقاع التي ذكر الفقهاء أنه لا تصح الصلاة فيه
المصدر هنا
سفيان الثورى- عضو جديد
- الاسلام
اللة
عدد المساهمات : 7
تاريخ التسجيل : 08/01/2011
رد: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع
مشكور اخى
على الموضوع القيم والتوضيح لها الامر الان الكثير لايعرفه
موفق ان شالله
لك تحياتى
على الموضوع القيم والتوضيح لها الامر الان الكثير لايعرفه
موفق ان شالله
لك تحياتى
الصقر- المدير العام // الصقر
- https://i.servimg.com/u/f41/11/71/12/31/3kpq8e10.gif
عدد المساهمات : 1463
تاريخ التسجيل : 31/08/2009
العمر : 57
رد: الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع
اسال الله ان يبارك فى عمرك ويحفظك ويكرمك بالخير ويجعلك من اهل الجنه ... جزاكم
الله خيرا اخى الحبيب
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « من دعا إلى هدى كان لـه من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً..»
وقال صلى الله عليه وسلم : « من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله »
جـزاك الله خيـرا على المجهود الطيب و بـارك الله فيـك اخـي الكـريم
و السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
الله خيرا اخى الحبيب
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « من دعا إلى هدى كان لـه من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً..»
وقال صلى الله عليه وسلم : « من دل على خيرٍ فله مثل أجر فاعله »
جـزاك الله خيـرا على المجهود الطيب و بـارك الله فيـك اخـي الكـريم
و السلام عليكــم ورحمـة الله وبركاتــة ،،
عابرسبيل- مشرف
-
[img]https://2img.net/h/oi45.tinypic.com/8vuutv.jpg[/img
عدد المساهمات : 510
تاريخ التسجيل : 08/08/2010
الموقع : http://www.salafi.com/
مواضيع مماثلة
» هل يجوز الصلاة في المباني المغصوبة
» حكم فرقعة الأصابع أثناء الصلاة سهواً هل تبطل الصلاة؟
» هل تجب الصلاة في المسجد ؟
» حكم فرقعة الأصابع أثناء الصلاة سهواً هل تبطل الصلاة؟
» هل تجب الصلاة في المسجد ؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة 01 مايو 2020, 17:16 من طرف الرياحى
» ترحيب بالعضو الجديد Samar
الجمعة 01 مايو 2020, 17:14 من طرف الرياحى
» نسب قبيلة رياح فى سوكنة ليبيا الهلالي
الجمعة 20 مارس 2020, 11:09 من طرف فيتوري ارياحي
» الزروق الرياحي
الجمعة 20 مارس 2020, 09:21 من طرف فيتوري ارياحي
» الترابط الاجتماعى لقبيلة رياح مهم جدا
الخميس 24 أكتوبر 2019, 10:40 من طرف بن يوسف رياحي
» قبائل بني هلال في ليبيا
الأربعاء 23 أكتوبر 2019, 18:20 من طرف فيتوري ارياحي
» تحرير خالد الرياحي من بلدة سوكنة
الأربعاء 21 أغسطس 2019, 20:33 من طرف فيتوري ارياحي
» دعاء....
الأربعاء 19 يونيو 2019, 05:59 من طرف بن يوسف رياحي
» استعيذوا بالله من النار..
الخميس 13 يونيو 2019, 04:45 من طرف فيتوري ارياحي