الشاعر بشير إدريس الرياحي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الشاعر بشير إدريس الرياحي.
رغم مرور ما يقارب على القرن منذ وفاة الشاعر بشير إدريس ووفاته في سن مبكرة حوالي أربعين عاماً إلا أنه مايزال له حضوره في بلدته ( سوكنة ـ ليبيا ) وما زالت أشعاره يتناقلها أفراد قبيلته " رياح " وأغلب المقاطع التي بقيت من قصائده هي أبيات غزلية ربما لصغر سنه و لأن القصائد الغزلية تُغنّى في الأفراح فيتناقلها جيل عن جيل فتحفظ ومع هذا فقد بقيت أبيات في أغراض غير الغزل تعبر عن وجهة نظره وانطباعاته عن ما يدور حوله من مجريات الأمور وخاصة السياسية آنئذٍ .
ولد الشاعر في عائلة برز فيها فقهاء وشعراء لعل أبرزهم هو الشاعر و الفقيه : مسعود بن عبد الرحمن ... وهي عائلة عبد الرحمن الأسود عام 1295هـ الموافق 1874م .
واسم الشاعر هو : ( بشير إدريس بن محمد بن عبد الرحمن الأسود الرياحي ) .
والمتتبع لحياته من خلال أشعاره يلاحظ أنه كان مهتماً بالشأن العام فقد حدث اضطراب في بلدته سوكنة سنة 1314هـ الموافق 1896م بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية وتجبر الولاة العثمانيين فاعتدى بعض المتنفدين في البلدة على مختارها ( أحمد جابر ) ثم توجهوا إلى منزل قائمقامها ( علي المجبّر ) ورموه بالحجارة ولم ينته الأمر إلا بتدخل محمد بن مبارك المحيمدي شيخ رياح الذي استطاع مع أنصاره بالإضافة إلى العسكر الأتراك إلى إعادة الأوضاع إلى سابق عهدها فنرى الشاعر بشير إدريس يهجو القائمقام علي المجبر قائلاً :
في دولتك ياسي علي المجبّر **** كان الجذب والا العجاج يغبّر .
خاصة وأن أبرز قادة هذا التمرد هو قريبه ( عبد العزيز الأسود ) .
وهاهي أبيات أخرى يهاجم فيها الوضع القائم آنذاك فيقول :
كل دولة تستحق رجال *** خبر بطال *** وما تمّا في الدنيا حال .
تبغي هرواك *** اليوم هذا وغدوة هاذاك .
تبدل فيه علي لوصاف *** ما تبطل قوّالة قال .
وهذا بيت رواه عنه" بن عامر حمد الفالح " يمدح فيها بلدة ودان قائلاٍ
زينه يا ودان الشارف *** يا لمّادة كل طوارف .
قصائده الغزلية :
1ـ
نزل ضيم ع الخاطر وجد بكانا *** وين عكّلوا لعقال يامطرانا .
تريته يادي *** نقل الخبر ما بين جاي وغادي .
ياريته النقال تحت الحادي *** عرب ساسهم مبني علي الخيانة .
جرنْ الميامي *** أنا يوم يا مشكاي جدّ غرامي .
وكل من زرع حبة الشيّ قسامي *** نرجوه لين يطيب في فدانه .
2ـ
جاني سلامك هنّاني *** يا وصف ريم الشطباني .
جاني سلامك في القرضة *** في الحين صابتني مرضة .
ياعون من كمّل غرضه *** مع وصف ريم الشيهاني .
يا ونسهْ *** ياوصف هللي يتخنسا .
لي قلب عندي ما ينسى *** شاقي بحبك ويعاني .
3 ـ
غالينك ياسر والغلا ماجابك *** قليلة عقيدة كاثرين اصحابك .
غلا محتيله *** وياخسارتك ياعين بو كمبيله .
حتى سويلم ولد بنت عقيلة *** بقيلك طليب ومعتني بجوابك .
4 ـ
يانا اللي مجروح من تالاها*** بيضا كما الجمار لون عضاها .
جرحي غابي ********** لفالي غرض يابوي ماني عابي .
سبب داي من هللي نياب مجالي ** نحوّم عقاب الليل ما نغفاها .
من عينيها *********** فرخة كما الامشاط روس ايديها .
سبحان ما صوّر العالي فيها *** جبريل متهايالي اللي سوّاها .
من خزرتها ********** فرخة صغيرة معورجة وشمتها .
ياريتني مطقوق في حجبتها **** شهرين ما نمشي أنا ويّاها .
5ـ وقد روي أنه قال هذا البيت عند خطبته لزوجته :
ياسي الفقي لك جيت *** عرقوب عاشم جيت لك في البيت .
والفقي هو والدها الفقيه حسين .
وعلى الرغم من هذه القصائد الغزلية إلا أن الشاعر عُرف بتدينه ووقاره
وقد تزوج الشاعر بفتاة لم تكن راغبة به لذا عند رجوعه من سفره من بن قردان في تونس أصرّت على الخلع منه فكان لها ذلك وليس للشاعر عقب .
وقد توفي الشاعر سنة 1915في وادي مقتّب غربي سوكنة ودفن بجوار جبل صغير مدبب ويعرف هذا النوع من الجبال بالقلب ولذلك سمي هذا القلب ( قلب إدريس ) .
رحم الله شاعرنا ( بشير إدريس ) .

المصادر :
رواية الأستاذ : مسعود علي الأسعد الرياحي .
رواية : جازيةعبد السلام الفالح ، حفظها الله تعالى .
كتاب : مدينة سوكنة للكاتب المختار عثمان العفيف ، الطبعة الأولى ،صفحة 93 .