أذكى الشياطين هو الذي يتقمص دور الملائكة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه و سلم .
كنت أتحادث مع أحد المسؤولين في بعض دوائر التعليم فأخبرني أن هؤلاء الوافدين إذا أرادوا استكمال بعض المعاملات الشخصية المطلوبة منهم ، فإنهم لا يكتفون بالاستفسار من مسؤول واحد أو جهة واحدة عن ماهية هذه الأوراق أو استكمال هذه الإجراءات بل يستفسرون من كل أقسام التعليم المختلفة مثل قسم الامتحانات وقسم التفتيش التربوي وما إلى ذلك من الأقسام حتى يحتاطوا لأنفسهم فلا يفاجأوا في نهاية المطاف أو عند سفرهم أن كل ما عملوه قد ذهب أدراج الرياح لأن الإجراء الفلاني ناقص أو الورقة العلانية مفقودة ، فهؤلاء لا يطمئنون لقول مسؤول احتياطاً لأنفسهم ، وحرصاً على أن تكون أمور دنياهم على خير وجه ، والسؤال هو أفلا نحتاط نحن لأمور ديننا فلا نأخذها من أي كان ولا نسلم أنفسنا لكل قائل فنجد أننا في آخر المطاف وقد خالفنا النهج القويم والصرط المستقيم والمنهج الصحيح بسبب عدم التثبت والتريث والمقارنة ، بل يقول قائلنا: " ضعها في عنق عالم واخرج منها سالم " في حين أن الأمر إذا تعلق بأبسط شؤون الحياة الدنيا أخذنا وقتنا في البحث والتفتيش والتدقيق والتأمل والفحص ولنا مثل في دخولنا السوق حيث يقضي المشتري المزيد من الوقت في فحص الخضروات وتقليبها والتأكد من سلامتها ونضارتها واستبعاد التالف منها والمشوه ، بل أن مشتري الخبز وهو شديد التشابه تراه وهو يفرق بين رغيف وآخر ويحرص على اكتشاف الفارق الطفيف في الحجم بين رغيف وآخر . إذا كان الأمر كذلك في أمورنا الدنيوية كبيرها وصغيرها ، جليلها وحقيرها أفلا يستحق منا الدين الذي به نجاتنا من النار ودخولنا الجنة مع الأبرار ألا يستحق منا أن نأخذه ممن هو أهله وأن نطلب الدليل على صحة ما يطرح علينا من أقوال ؟ فإن البعض ممن يدعي العلم إنما هو ضال مضل قد يحتوي فكره على عقائد منحرفة وقد يتضمن منهجه على اباطيل زائفة ، وما تدبيجه للكلام وزخرفته للعبارات وهيئته الوقوره ، إلا أحابيل يستدرج بها المغفلين ويخدع بها المتساهلين ، كمثل الشياطين اللذين إذا أرادوا تحقيق مآربهم فإنهم لابد من أن يتقمصوا دور الملائكة .