لاقشور في الدين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى عليه وسلم .
الحق تعالى حينما جاء بهذا الدين كلفنا بعبادات عملية وقولية وتأملية ،فالعبادات العملية تتمثل في الجهاد والصلاة والزكاة وإنكار المنكر باليد وغيرها .. والقولية كالتسبيح والتهليل .. وهلمجرا ، والتأملية كالتفكر في خلق الله بحيث يؤدي هذا التفكر إلى زيادة الإيمان أو إلى اجتناب المعاصي إلى غير ذلك من الغايات الجليلة والحكم العظيمة وكل من هذه العبادات مقصودة في الدين ؛ خاصة حينما تأتي في وقتها المحدد وحينما تكون خالية من المحاذير الشرعية كالرياء أو اتخاذها مطية لأمور لا يُبتغى بها وجه الله تعالى ، حين ذلك نقول أن هذه العبادات هي من لباب الدين فقط لأننا أديناها كما يريد الله تعالى ؛ لأنه مهما عظُمت العبادة في أعيننا وبُذل فيها الجهد وأريد بها غير وجه الله تعالى فما هي من الدين في شيء ، ومهما صغرت في نظرنا وصاحبها الصواب والإخلاص ، كانت من صلب الدين ومقاصده . لماذا كل هذه المقدمة ؟ ؛ لأن البعض يظنون أن في الدين لب وقشور ، جوهر ومظهريات ، فينظرون إلى من يتبع الدين في زيّه أو شكله أوفي مظاهره المختلفة ، إنما هو متمسك بالقشور حتى وصل الأمر ببعض الفئات إلى إهمال شأن الصلاة قائلين إن جهودهم مركزة على جوهر الدين وأهدافه الكبرى ، أما هذه المظهريات فإنما هي من شأن الدراويش والمتبطلين !، غير أن الناظر في عبادة الأُسوة الحسنة صلى الله عليه وسلم يجده يمارس كل العبادات . والقرآن الكريم يحث على مختلف العبادات من ذِكر أو جهاد أو إنفاق ، لكن أن يتخذ بعض المتواكلين بعض العبادات شعاراً لهم لمآرب شخصية ، فهذا لا يجعل من هذه العبادات قشوراً ، كما أن من يجاهد ليقال شجاع فليس بمجاهد أو من يتصدق ليقال كريم فلا علاقة لصدقته بالدين . أحياناً أقول لطلبتي : أن الدين يريد منا العمل بغض النظر عن النتائج بينما تريد الدنيا منا النتائج بغض النظر عن النية ، بمعنى أنني حينما أريد أن أصلح جهازاً لي فلا أبحث عن هذا الفني هل يحبني أو يبغضني لا أضع ذلك في حسابي بل أبحث هل هو متقن لعمله أم لا؟ سواءً كان نصرانياً أو مسلماً ، يهودياً أو بوذياً ، بينما يريد مني الدين النية الخالصة في أداء العمل صغيراً كان في نظري أم كبيراً ، إذاً فلنتخل عن النظر إلى العبادات على أنها لب وقشور بل ننظر إليها على أنها أوامر إلاهيّة لابد من الإتيان بجميعها ، فلم يشرعها الله تعالى عبثاً .
ً